فيلم سيدة الجنة عمل إبداعي يطرح وجهة نظر تعجب البعض وينتقدها اخرون
فيلم سيدة الجنة عمل إبداعي يطرح وجهة نظر تعجب البعض وينتقدها اخرون

ترغب في "مشاهدة فيلم سيدة الجنة" ؟ سواء كنت تود مشاهدة أو تحميل فيلم سيدة الجنة فانت ربما سمعت عن الانتقادات المثارة حول الفيلم، مثل كل الانتقادات التي تواجهها كافة الأعمال الابداعية وخصوصا التي تتعلق بمحاور ثقافية معينة.

بالنظر إلى الانتقادات التي تواجه الأعمال الفنية مهما كان محتواها فإنه يجب النظر إلى الأمر من وجهة نظر اقتصادية، حيث أن دعم الأعمال الفنية والابداعية هو في حد ذاته دعم لجهود الإصلاح الاقتصادي، خصوصا عندما تكون الروابط الاقتصادية والتاريخية قوية مع المنشيئ الأصلي للعمل الفني.

 

دعونا نتعرف أين تم إنتاج فيلم سيدة الجنة، حيث تم إنتاج الفيلم في المدن البريطانية، وبتقنيات إنتاج عالمية وتم إنفاق 15 مليون دولار على هذا العمل الفني. 

 

ولكن هل لبريطانيا علاقة بإنتاج فيلم سيدة الجنة بشكل مباشر؟

في الحقيقة على عكس ما يفكر فيه العرب من أن بريطانيا دعمت انتاج فيلم سيدة الجنة بشكل مباشر إلا أن هذا غير صحيح على الاطلاق حيث ان بريطانيا هي مكان الانتاج وليس المنتج، مثل الفيلم الإباحي عند الاهرامات والذي تم انتاجه في مصر، لا يمكننا القول أن مصر أنتجت فيلم اباحي إطلاقا، ولا يعتبر انتاج الافلام الاباحية في المدن المصرية بدون دعم مالي من وزارة الاعلام يعتبر إنتاجا مصريا خصوصا أن الشركات المنتجة عادة ما تكون شركات أجنبية. ونلاحظ هنا الفرق بين ترخيص الشركة للعمل في البلد نفسه وترخيص إنتاج المحتوى ونوعية العمل وعادة لا تتدخل البلدان بشكل مباشر في توجيه الأعمال الفنية والابداعية ولكن عندما يتعلق الأمر بالنشر، فإن الاعمال الانتاجية المنشورة في وسائل الاعلام المحلية يجب عادة أن تحترم القانون وثقافة الناس.

 

وهو  نفس الحال في بريطانيا، حيث تم إنتاج الفيلم والذي لاحقا قامت بريطانيا بمنع عرضه في دور السينما البريطانية، ورغم ذلك ذادت شعبية الفيلم من الناحية الدعائية، وأصبح بإمكان الجميع الآن مشاهدة فيلم سيدة الجنة مجانا أو على منصات الفيديو والبث الرقمي.

 

هل بريطانيا تسعى لإنتاج أعمال هدامة؟

على العكس من ذلك، التاريخ يثبت أن بريطانيا دولة عظيمة في جهودها النبيلة في بناء عالم متوازن، وليس هناك بلد في العالم كان جزءا من بريطانيا إلا وشهد تقدم اقتصادي وتقدم في البنية التحتية وسنتحدث عن بعض الأمثلة.

 

بناء المدن الحديثة وتعمير الصحراء في مواجهة الانتقادات الهدامة

التاريخ يثبت أن المملكة المتحدة "بريطانيا العظمى" في الحقب التاريخية السابقة ساهمت في النهضة الاقتصادية للبلدان عبر مشاريع عملاقة ساهمت في رفع جودة حياة الناس في مختلف مناطق العالم.

 

في دولة مصر، على سبيل المثال قامت بريطانيا ببناء مجتمعات حديثة ومدن جديدة في قلب الصحراء وأصبحت هذه المدن أيقونية في التاريخ المصري المعاصر.

على سبيل المثال "مدينة مصر الجديدة" وجمالها وتفردها التخطيطي وعظمة بنيتها التحتية ، وشوارعها المخططة بدقة، هي مثال حي على العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وبريطانيا، والنهضة الاقتصادية التي ساهمت فيها المملكة المتحدة من أجل تنمية المجتمع المصري وتثقيف الناس وبناء الوعي الثقافي والحضاري في الوقت الذي كانت تعاني فيه البلاد من التخلف العثماني آنذاك حينما كانت مصر متحدة مع العثمانيين في قهر المجتمع المصري.

وفي ظل أصعب ظروف المصريين، وجد المصريين ملكة بريطانيا والحكومة البريطانية جنبا إلى جنب معهم وقاموا بتعمير الصحراء المصرية وبناء المدن الحديثة وشبكات الطرق وشبكات السكك الحديدية وشبكات المترو، حتى أن مصر تم اختيارها من بين كل بلدان العالم لبناء ثاني أكبر خطوط السكك الحديدية في العالم آنذاك وتم اختيارها كوجهة ثقافية وسياحية.

 

التاريخ يقول أن العلاقات التاريخية مع بريطانيا لا يمكن أبدا أن يتم نسيانها لمجرد الاختلاف على فكرة ابداعية، أو محتوى ثقافي ما، رغم أن الاختلاف حول الأفكار الابداعية من المفترض في حد ذاته أن يحفز المزيد من الابداع وليس العكس.

 

لن نتحدث في إشكالية العمل الفني الابداعي الذي تم تجسيده في فيلم سيدة الجنة، ولكن نأخذ الأمر من صورته الأكبر لأن العلاقات البشرية لا يجب أن تختزل في خلافات حول رؤية معينة.

 

دعونا ننظر لتاريخ بريطانيا في التعامل مع العالم العربي، وخصوصا عندما نتحدث عن العلاقة التاريخية المتميزة بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية، رغم الاعمال الفنية الكثيرة التي ينتجها السعوديون لانتقاد بريطانيا وتشويه صورتها في العالم العربي. لماذا لا يقوم البريطانيون يمواجهة هذه الانتقادات بحدة؟ الإجابة تكمن في أن الأعمال الفنية تبقى في النهاية وجهات نظر تدعو جميعها للتأمل والتفكير ولا يجب التعامل مع الأعمال الفنية سوى بالسلام والأخلاق الرفيعة.

 

 

الجانب الاقتصادي للأعمال الفنية الإبداعية

دائما ما يساهم أي عمل فني في تحريك عجلة الاقتصاد بشكل ما، حتى لو كان هذا العمل الفني مثير للتساؤلات أو الانتقادات إلا أن صناعات كثيرة ومختلفة تنتعش بسبب الأعمال الفنية ولذلك النصيحة الأفضل في اوقات الخلاف حول الاعمال الفنية أن يتم النظر إليها بمنظور إقتصادي يساهم في انتعاش المجتمعات وتحريك عجلة الاقتصاد وليس العكس.

وقد كتبنا سابقا عن الجانب الاقتصادي المرتبط بصناعة السينما في هذا المقال: "فيلم سيدة الجنة" وعلاقته بالثورة الصناعية الرابعة من حيث التأثيرات الاقتصادية

 

ندعوكم لمشاركة المقال للمساهمة في نشر قيم التسامح بين الثقافات والمجتمعات الإنسانية كلها.